ابو الطيب السبتي Admin
عدد المساهمات : 268 تاريخ التسجيل : 16/04/2013
| موضوع: نحن قوم أعزّ نا الله بالأسلام ومهما أبتغينا العزّه بغيره ...أذلنا الله الخميس أبريل 18, 2013 12:05 pm | |
| نحن قوم أعزّ نا الله بالأسلام ومهما أبتغينا العزّه بغيره ...أذلنا الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الأحبه فى الله
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين
و على آله و صحبه و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .... أما بعد
نحن قوم أعزّ نا الله بالأسلام ومهما أبتغينا العزّه بغيره ...أذلنا الله
الرساله الأولى :
حب الله عز وجل أعلى أنواع الحب .
جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ثلاث من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان ، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)) . في هذا الحديث يبيـِّن النبي - صلى الله عليه وسلم - حقيقة مفادها أن الإيمان كالثمرة كلما اكتمل نموّها ونضوجها زادت حلاوتها ، ثم بيَّن علامات تدل على ذلك ، فذكر ثلاث علامات أولاها : أن يكون حب الله تعالى وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم - مقدمـًا على حب غيرهما .
فهذا أعلى أنواع الحب ، وقمة الهرم الإيماني .
أفاد الإمام ابن القيم في كتابه الداء والدواء أن المحبوب قسمان : محبوب لنفسه، ومحبوب لغيره ..وكل ما سوى المحبوب الحق فهو محبوب لغيره ، وليس شيء يُحب لذاته إلا الله وحده ؛ لأنه سبحانه المتفرد بالكمال المطلق والجمال التام ، وكل ما سواه هو تبع لمحبته سبحانه كمحبة الملائكة والأنبياء والأولياء ، التي هي لازمة لمحبة الله عز وجل ؛ لأن محبته توجب محبة من يحبه ، فحب الله تعالى هو أعلى أنواع الحب .
قال الإمام الغزالي : " وكمال الحب أن يحب العبد ربه عز وجل بكل قلبه ، وما دام يلتفت إلى غيره فزاوية من قلبه مشغولة بغيره " .
فحال من يحب مولاه بحق أن يسلم وجهه وأمره وقلبه وكيانه كله لله تعالى ، ولذا من أحب الله بحق أطاع أمره واتبع شرعه .
يقول الله تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) (آل عمران/31 ، 32) .
فالمخالفة والعصيان دليل كذب المحبة أو نقصها ، ويقسم الله تعالى بذاته العلية فيقول : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ)(النساء/65)
ولذا فطريق حب الله تعالى يتمثل في ترك المعاصي وفي أداء الفرائض والإكثار من النوافل ، فهو طريق عمليّ إذن ، وقد قيل : من أحب أن يعلم ما له عند الله عز وجل فلينظر ما لله عز وجل عنده ، فإن الله تبارك وتعالى ينزل العبد منه حيث أنزله العبد من نفسه ، ومن أوفى بهذا الحب نال محبة الله تعالى ويالها من كرامة إذا حصلت !!
يقول الأستاذ عبد الحليم محمد قنبس في كتابه " الحب في الأسرة المسلمة " : " وينشأ هذا الحب بإثارة القوى العقلية والروحية ، وعمق النظر والتفكير في خلق السماوات والأرض ، وحسن التدبر لآيات القرآن الكريم : (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار)(آل عمران/191) .
وحينما ترسخ محبة الله في قلب المؤمن ، وتتعمق جذورها ، كان الله عز وجل هو الغاية في كل شيء ، وآثره المرءُ على كل شيء ، وضحى من أجله بكل شيء ؛ لأنه شعر بحلاوة الإيمان ولذة اليقين ، فأصبحت بقية اللذائذ الدنيوية لا قيمة لها أمام هذه اللذة.
هكذا يقع حب الله عز وجل في قلب المؤمن الصادق ، الذي قد كمل بمعرفة جمال الله وجلاله ، فوجد من الصلة الوشيجة والتجاذب الروحي ما لم يجده غيره .
وجد صلة المودة والقربى ، صلة الوجدان المشدود بعاطفة الحب المشرق الودود ، وأصبح هذا المؤمن من الذين أحبهم الله عز وجل وأحبوه .
قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِين)(المائدة/54) .
وهذا الحب الذي رسخ في القلب ، وأوصل العبد بربه ، لا يعرفه إلا من وجد إيقاع صفات الله تعالى في حسه ونفسه وشعوره وكينونته كلها ، ولا يقدّر حقيقة هذا الحب إلا الذي عرف حقيقة المحبوب وهو الله تعالى .
وحب الله تعالى لعبده أمر لا يقدر على إدراك قيمته إلا من عرف الله تعالى ، إذ أن حب الله تعالى لعبده نعمة لا يدركها إلا من ذاقها ، وذاق حلاوتها ، وحلاوة القرب من ربه عز وجل ، ذلك القرب الهائل العظيم ، المليء بالفضل الجزيل .
نعم إنها نعمة ، نعمة الله عز وجل على عبده بهدايته لحبه وتعريفه هذا المذاق الجميل الفريد ، الذي لا نظير له في مذاقات الحب كلها .
وقد وصف الله تبارك وتعالى المؤمنين بشدة حبهم له من غيرهم الذين اتخذوا أحبابـًا من دونه حينما قال عز من قائل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه…)(البقرة/165) .
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه ؛ لأن قلوبهم لم تعمر إلا بذكر الله تعالى ، ولم تصف إلا بحب الله عز وجل ، أما أولئك الذين انطوت نفوسهم على محبة ما يحلو لهم في هذه الدنيا ، فقلوبهم بعيدة عن هذا الحب الإلهي ، بعيدة عن هذا الصفاء الروحي، والاتصال القلبي " .
وإذا تكلمنا عن محبة الله عز وجل فلا بد من ذكر حديث الأولياء ، وهو حديث يوضح طريق محبة الله عز وجل وكيفية إكرام الله تعالى لأوليائه الذين صدقوا في محبته .
جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال إن الله تعالى ، قال : ((من عادى لي وليـًا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطشُ بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينَّه ، وإن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته)) .
هذا الحديث القدسي قيل إنه أشرف حديث في ذكر الأولياء لما يحويه من تكريم الله تعالى لهم وبيان محبته إياهم ودفاعه عنهم وتأييده لهم في ألطف عبارة .
والولي هو العبد القريب من الله عز وجل تولى ربه عز وجل بالطاعة فتولاه الله تعالى بالنصرة ، ولذا يحذّر الله تعالى من عادى وليـًا له فيعلمه بأنه محارب له ، ومن حاربه الله أهلكه ولا شك .
ثم يبين الحق سبحانه وتعالى طريق الولاية فيقول : ((وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه)) فطريق الولاية مفتوح لكل من شاء ، وليس حكرًا على قوم دون غيرهم ، ولذا قال تعالى في كتابه العزيز : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس/62 ، 63) . فالأمر أوضح من أن يلتبس على أحد ، فكل من آمن بالله واجتهد في تقواه سبحانه فهو وليّ من أولياء الله تعالى .
والحديث الذي بين أيدينا يعطي بيانـًا عمليـًا لنيل الولاية والمحبة الإلهية ، فيجعل أداء الفرائض ثم الاجتهاد في النوافل هما المعراج إلى محبة الله تعالى وما سوى ذلك لن يوصل إلى شيء بل من ادعى المحبة وتعاطى المعاصي فهو كاذب في دعواه معذب بسبب ما اقترفته يداه ، ولذا يقول تعالى : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُم)(المائدة/18) إذ كيف يتقرب إلى الله تعالى بمعصيته ؟! ومن ذلك التقرب إلى الله عز وجل بالشرك ! ، كما قال سبحانه عن المشركين : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)(الزمر/3) .
وبعد الفرائض تأتي النوافل ، وهي وإن اشتركت مع الفريضة في الأهمية إلا أنها دونها في المرتبة ؛ لأن ترك الفريضة باب العقوبة ، وليست النافلة كذلك ، ولذا فإن من شغله الفرض عن النفل فهو معذور ، أما من شغله النفل عن الفرض فهو مغرور .
ثم يقول الحق سبحانه : (( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، وإن استعاذني لأعيذنه )) .
ليس المعنى أن الله تعالى يحلّ في عبده – سبحانه وتعالى عن ذلك – فالحديث أثبت ربـًا وعبدًا ومتقرِّبـًا ومتقرَّبـًا إليه ومحبـًا ومحبوبـًا ، فكيف يصير الاثنان واحدًا ؟
ولكن المعنى أن الله تعالى يوفق العبد ويعينه ويعصمه فيوفقه إلى استعمال جوارحه في مرضاته عز وجل ويعينه ويعطيه القوة على الطاعات ، كما في قوله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى)(الأنفال/17)، ثم كذلك يعصمه من استعمال جوارحه في المحرمات كما في قصة يوسف – عليه السلام - : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)(يوسف/24) .
وهكذا جعل الحق سبحانه وتعالى نفسه بمنزلة الآلات التي تعين العبد وكفى بذلك تلطفـًا منه سبحانه .
ثم يقول تعالى : ((وإن سألني لأعطينه ، وإن استعاذني لأعيذنه)) وهذه كرامة أخرى للولي أن يستجيب الله دعاءه ، وأن يجيره إذا استجار به ، وكم سمعنا عن أناس كانوا مجابى الدعوة .. وهذا سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – قال عنه النبي – صلى الله عليه وسلم - : ((إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه)) شكاه رجل إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ظلمـًا ، فقال سعد - رضي الله عنه - : اللهم إن كان كاذبـًا فأعم بصره ، وأطل عمره ، وعرّضه للفتن . فأجاب الله تعالى دعوته فأعمى الرجل ، وفتنه حتى أنه لما أسنَّ كان يتعرّض للجواري في السكك ، ويقول : شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد .
وكم من أناس استجاروا بربهم فأجارهم ، وهو القائل : (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)(الحج/38) . ويحكى أنه كان هناك رجل من الخوارج يغشى مجلس الحسن البصريّ فيؤذيهم ، فقال الحسن : اللهم قد علمت أذاه لنا فاكفناه بما شئت ، فخرّ الرجل من قامته ، فما حمل إلى أهله إلا ميتـًا على سريره .
ثم قال تعالى : (( وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته)) .
التردد في حق الله تعالى غير جائز ، ولكن هذا من باب تقريب المعنى للأذهان ، فالموت حق ولابد منه ؛ ولكن النفس جُبلت على حب الحياة ، ولذا تكره الموت ، وقد تكرهه كذلك لصعوبة سكراته ، ولذا يكره الله تعالى مساءة العبد ، ولكن لابد له من الموت ؛ لأنه شيء كتبه الله تعالى ولا مفرّ منه . يقول سبحانه : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْت)(آل عمران/185) ؛ ولأنه خير للعبد لأنه باب إلى ما ادخره الله تعالى لعبده المؤمن في الآخرة التي هي خير وأبقى ، لذا تعارضت إرادتان فسمي هذا التعارض ترددًا فيما يظهر لنا وتفهمه عقولنا . وهكذا يتلطّف الله تعالى مع أوليائه . | |
|